كانت الشفة بت بادي جدتي إمرأة إستثنائية ، لم تكن ككل النساء اللائي مررن علي في حياتي ، بل لم تكن إمرأة إطلاقا" بإجماع كل من عرفها إلا في نظر جدي .
كانت ترتدي سروالا" بتكة كالرجال وتكتها طويلة تلامس التراب ،تتعاطى التمباك ولها حقة كبيرة والأعجب من ذلك إذا صادفتها وهي تحاجج بائعه
-يا خوي صعوطك اليومتا ده جبتو من وين؟!
-ما ياهو البتشيليهو طوالي يا الشفة!
-حرم ماهو
-كدي شوفي حق الليلة ده كيف؟
-بشوفو و كن طلع الفي مزاجي بشتري منك وكن طلع زي تفل يومتا بشيل ساي
-قادر الله يا بت بادي ، نقول شنو؟ إتفقنا
كفكفت كم جلبابها وربطته مع فتحة رقبة الجلباب ثم أدخلت يدها حتى كوعها في حلة التمباك وأخرجت سفة وضعتها تحت شفتها العليا ثم طفقت تلحس ما سال في يدها
-برضك مكتر العطرون ،عدمت الرجال الحيل يا يابا
ثم ألقت له بجنيه وأتبعت
-نعمل شنو حق الناس ما بندورو لكن نشيلك الذنب إنت
كانت سليطة اللسان ولوامة جدا" ،لذلك كانو يخبرونها بكل مناسبة أولا" بأول تفاديا" للومها ،لذلك عندما توفيت والدة جارة لهم في الحي وبعد أن ركب الرجال والنساء في الهايس على عجل لكي يلحقو الجثمان في المقابر تذكروها بعد أن كادو أن يصلو ، فعادو أدراجهم إتقاءا" للسانها .
نزلت واحدة منهم وفتحت باب منزلها الغير مغلق ووجدتها تتجهز للقيلولة بعد أن إستحمت وخلعت ملابسها جميعها ودهنت جسمها بزيت وتغطت بثوب خفيف ، فأخبرتها بأمر الوفاة فتجهزت وركبت معهم.
لم تجد مقعدا" شاغرا" سوى ذلك المجاور للكمساري المقابل لجميع الركاب ، وعندما حاول أحد الرجال أن يبدلها بمقعده حلفت
-حرم تقوم أكان أنزل
ما إن تحركت العربة حتى لعب الهواء بثوبها ورفعه ،ولكن لم تكترث نظرا" لسروالها أبتكة ،لكن يبدو أنها مع العجلة نسيته ، فحاولت إحدى النسوة تنبيهها بطريقة غير مباشرة
-جلابيتك دي زي المقلوبة يا بت بادي
-النبي؟!
وبدون مقدمات خلعت الجلباب لتستعدله
طيب الله ثراك يا بت بادي
مرة سألت جدي:
-العجبك في حبوبة دي شنو؟
-ولا حاجة
-كيف الكلام ده وعرستها كيف؟
-وهو أنا شفتها غير يوم الدخلة
-؟!!!!
-والله يا جنا أنا حبوبتك دي عشان أميزا مرة ولا راجل إلا قيدوها لي بالجنازير ، خوفتني عديييل ، تقيف لي في نص الحوش وتقول لي هسة إنت أحسن مني بشنو عشان تعرسني
-كنت بتحبها؟
-بالحيل أمال الجابرني عليها شنو
-حصل قلت ليها إنك بتحبها؟
-ليه إنت قايلني باطل
سبحان الله هذا الرجل الكاتم لحبه بكى كرضيع حين وفاتها ، ورغم أنهم طوال حياتهم الزوجية التي إستمرت لأكثر من خمسين عاما" ولم يتبادلا فيها كلمة حب واحدة ، إلا أنه لم تعكر صفو حياتهم أي شائبة ،فشتان مابين زمانهم وزماننا.
إنتهى
؛؛؛؛؛